مسلسلات رمضان
دار الإفتاء: تأجير البطون للحمل يفسد معنى الأمومة وهو حرام!!
26/06/2010

مرة أخرى يعود النقاش في دور الإفتاء لبحث التناقضات بين العلم والدين ومحاولات تشريع العلوم أو تحريم ما لا ينسجم مع القرآن الكريم. فقد ذكرت دار الإفتاء المصرية أن تأجير الأرحام حرام شرعا لما فيه من مفاسد تتلخص في إفساد معنى الأمومة كما فطرها الله وعرفها الناس، وصَبغُها بالصبغة التجارية، مما يناقض معنى الأمومة التي عظمتها الشرائعُ وناطت بها أحكام وحقوق عديدة، ونَوَّه بها الحكماء، وتَغَنَّى بها الأدباء.

دار الإفتاء: تأجير البطون للحمل يفسد معنى الأمومة وهو حرام!! صورة رقم 1

دار الإفتاء في مصر

وهذا المعنى وذلك التعظيم لا يكون من مجرد بويضة أفرزها مبيض امرأة ولَقَّحَها حيوان منوي من رجل، إنما تتكون من شىء آخر بعد ذلك مثل الوَحَم والغثيان والوهن في مدة الحمل، والتوتر والقلق والطلق عند الولادة، والضعف والهبوط والتعب بعد الولادة. فهذه الصحبة الطويلة هي التي تُوَلِّد الأمومة، كما أن تغطية الأمومة بهذا الحاجز الضبابي يؤدي إلى تنازع الولاء عند الطفل بعد الإنجاب: هل سيكون ولاؤه لصاحبة البويضة، أو للَّتي حملته وأرضعته من ثدييها؟

مما قد يعرضه لهزة نفسية عنيفة إذ إنه لن يعرف إلى من ينتمى بالضبط: إلى أمه الأولى أم أمه الثانية؟ ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح.

وبررت الدار فتواها التي تحمل رقم2525 بأن الطب من أخصب المجالات التي ظهر فيها تطور علمي هائل، ومن ذلك الحين وطب الإنجاب الصناعي في ثورة مستمرة وتطور دائم، وأضافت الفتوى أنه من طفرات هذا الفرع من فروع الطب ما يعرف بـ"الرحم البديل"، وصورته أن تلقح بويضة المرأة بماء زوجها ثم تعاد اللقيحة إلى رحم امرأة أخرى، وعندما تلد البديلةُ الطفلَ تسلمه للزوجين.

وأضافت الفتوى حسب صحيفة " اليوم السابع" أن أسباب اللجوء إلى هذا النوع من التأجير متعددة كمن أزيل رحمها بعملية جراحية مع سلامة مبيضها، أو أن الحمل يسبب لها أمراضًا شديدة، كتسمم الحمل، أو للمحافظة على تناسق جسدها، وتخلصها من أعباء ومتاعب الحمل والولادة، وهو الصورة التي انتشرت مؤخرًا في الغرب بشكل ملحوظ، حسب الفتوى، وصارت المرأة التي تبذل رحمها لتحمل بويضة غيرها تفعل هذا في مقابل مادي فيما عرف بـ"مؤجِّرات البطون"، وقد بدأت هذه الممارسات في محاولات للتسلل إلى عالمنا الإسلامي.

دار الإفتاء: تأجير البطون للحمل يفسد معنى الأمومة وهو حرام!! صورة رقم 2

"الجنين يتغذى بماء الزوج
كما يتغذى من الأم الحامل"

وأكدت الفتوى أن الأدلة أجمعت على حرمة اللجوء إلى طريق الرحم البديل سواء أكان بالتبرع أم بالأجرة، وهذا هو ما ذهب إليه جماهير العلماء المعاصرون، وبه صدر قرار مجمع البحوث الإسلامية بمصر رقم (1) بجلسته المنعقدة بتاريخ الخميس 29 مارس 2001م، وقرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الثامنة المنعقدة بمقر رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 28 ربيع الآخر 1405هـ إلى يوم الاثنين 7 جمادى الأولى 1405هـ الموافق من 19-28 يناير 1985م ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}. [المؤمنون: 5-7].

كما حذرت الفتوى من أن هذا النوع من التلقيح يقود إلى شبهة اختلاط الأنساب، لاحتمال أن تفشل عملية التلقيح بعد وضع اللقيحة في الرحم المؤجر، ويحدث الحمل عن طريق مباشرة الزوج لزوجته، فيُظَنُّ أن الحمل والوليد للمستأجر، مع أنه في الواقع ليس له، وأضافت الفتوى أن هذه الشبهة ترد في حالة استمرار الزوج في مباشرة زوجته وهي حاملة للبويضة الملقحة، لأن الجنين يتغذى بماء الزوج، كما يتغذى من الأم الحامل، وقد ورد النهي الصريح عن وطء الحامل التي هي من هذا القبيل، فعن رُوَيفِع بن ثابت الأنصارى رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يَحِلُّ لامرئ يُؤمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ أَن يُسقِى ماءَه زَرعَ غيرِه))، يعنى: إتيان الحُبالى. وفي رواية: "فلا يَسقِ ماءَه وَلَدَ غيرِه".

وقالت الفتوى إن إجازة الحمل لحساب الغير فيه إزالة لضرر امرأة محرومة من الحمل بضرر امرأة أخرى هي التي تحمل وتلد، ثم لا تتمتع بثمرة حملها وولادتها وعنائها، والقاعدة المقَرَّرة: أن الضرر لا يُزال بالضرر، لهذه الأدلة وغيرها ولما قررته المجامع الفقهية نخلُص إلى القول في واقعة السؤال بحرمة تأجير الرحم.