أحلام العراقي فريد لفتة لا حدود لها، على الرغم من وصوله إلى أبعد نقطة يمكن أن يصل إليها الإنسان، فقد قفز إلى الأرض من ارتفاع 3000 قدم في القطب الشمالي، في رحلة قام بها الشهر الفائت، ولقب لفتة بـ"هرقل الشجاع" بعد أن قفز قفزة تكللت بالمخاطر ولم تتعد الدقائق الثلاث لإنجازها، فلفتة الذي دخل موسوعة غينيس العام الماضي، مازال يطمح في أن يصل إلى نقاط لم يصل إليها إنسان، ليس لشيء سوى أن يوصل رسائل سلام باسم العراق وأقطار الوطن العربي كافة، حسب ما قاله في حوار لـ"الإمارات اليوم".
رحلته الأخيرة إلى القطب الشمالي
كانت مكللة بالمخاطر
رسالة للسلام:
ويقول لفتة إن قفزاته خلال السنوات الخمس الفائتة تجاوزت الـ1000 قفزة، وجميع القفزات التي تمت في مناطق متعددة من العالم كانت لإيصال رسائل إنسانية، وعلى رأسها رسالة تدعو إلى المحبة والسلام، مؤكدا "أنا كعراقي ولدت في بغداد، وعشت طفولتي وكل مراحل عمري فيها حتى جاءت الحرب، فرحتُ ابحث عن طريقة لأوصل رسالة العراق بعيدا عن الأسلحة والدمار".
ويضيف "بما أن هواية القفز والطيران موجودة في شخصيتي منذ كنت اقفز من خزانة الملابس إلى الأرض في عمر خمس سنوات، ارتأيت أن تكون صبغتي الخاصة والشخصية في التعبير عن ولائي للعراق ولأمتي العربية مختلفة ومتميزة، بعد أن احتضنتني الإمارات وعائلتي على أرضها، بعد تعرض أخي الصغير لعملية خطف وإصابتي برصاصة من مسلحين في العراق".
ويوضح "تعلمت كل ما له علاقة برياضة السماء، وعززت مهاراتي من خلال الممارسة شبه اليومية والمشاركة في مسابقات عالمية، إلى أن وصلت إلى هذا المستوى"، وقال أيضا "الموضوع له علاقة بشخصيتي المغامرة وربطها برسائل إنسانية، أريد أن يسمعها العالم"، مشيرا إلى انه كتب رسالة باسم العراق والعرب في رحلته في القطب الشمالي "حيث وضعت الرسالة في اسطوانة، وضعت على عمق 4622 مترا في قعر البحر"، مؤكدا أن "الأسطوانة التي وضعت فيها الرسالة تستخدم في المنشآت النووية، وأنها تقاوم جميع الظروف الطبيعية من مياه وملوحة وحرارة البراكين والصخور الصلبة، وستبقى لملايين السنين في قعر المحيط".
مخاطر ظاهرة:
حاول الجميع إقناعي بالعدول
عن فكرة القفز إلا أنني كنت مصرا
وقال لفتة "حاول جميع من على الطائرة إقناعي بالعدول عن فكرة القفز، إلا أنني كنت مصرا وقد شاهدت علامات الحزن على وجوههم وكأنهم يودعون ميتا، وبدوري كنت أشجعهم وأضحك معهم، إلا أنهم جعلوني أوقع على أوراق تخلي مسؤوليتهم وتحملني المسؤولية كاملة".
وأضاف لفتة واصفا أجواء ما قبل القفزة "كانت الرؤية شبه معدومة إلا أنني لمحت السفينة، وطمأنت نفسي أنني ما دمت استطعت أن ألمح السفينة من هذا البعد، فأنا قادر إذن على القفز لأصل إليها"، وأضاف "ناهيك عن الرقع المائية المحيطة بالجليد والتي كانت حول النقطة التي أريد القفز إليها"، مؤكدا "لو أخطأت القفزة قليلاً لكنت الآن في عداد المتجمدين"، واستمر لفتة في سرد حكايته التي تشبه فيلماً سينمائياً خيالياً "كانت تحيط بالسفينة أيضا دببة قطبية مفترسة يصعب الفرار منها، إذا ما تأخرت عملية الإنقاذ بعد الهبوط".
لحظة الحرية:
عـزم لفـتة عـلى القــفز، وبـاتت محــاولات فريق العلماء المرافق له بإقناعه بـتأجيل القـفزة غير مجـدية، "وقـفت أمام باب الطـائرة، واستـشعرت الهـواء وأغمـضت عيني برهة، كي أستجمع طاقتي، ونظرت إلى الأسفل فلم أر شيئا، فقد كانت الرؤية معدومة"، وقال "لقبت مرة بصقر العراق، واكتشفت قبيل القفزة أنني صقر بقوة نظري، حيث إنني لمحت السفينة الروسية ومن دون أي تفكير قفزت وسبحت بالهواء وشعرت بسعادة لا توصف".
قفز لفتة خلال السنوات الخمس
الماضية أكثر من 1000 قفزة
قفزة عاطفية:
وقفز لفتة خلال السنوات الخمس الماضية أكثر من 1000 قفزة في مواقع عدة في العالم، وحصل على أعلى قفزات قام بها هاوٍ في دبي، حيث قفز 25 قفزة في مكان واحد وفي يوم واحد في جزيرة النخلة، لكن ومع كل الانتصارات التي حققها والقفزات التي نال عليها شهادات تقدير وألقاباً عدة، إلا أن للفتة قفزة خاصة جدا هي الأقرب إلى قلبه، "بعد مغادرتي وعائلتي العراق مضطرين بعد عملية خطف تعرض لها أخي الأصغر، وأصبت جراءها برصاصة في رجلي.
وأضاف "كانت قفزتي من سماء العراق التي قمت بها العام الفائت لبث روح السلام والمحبة، وتوحيد الدم العراقي، من خلال حملة تبرع بالدم هي الأقرب إلى نفسي"، مفسراً "في العراق عشت طفولتي ومراهقتي وشبابي، وفي العراق وجوه كثيرة وحكايات نسجت عمري وصنعت اسمي".