بعد مضي أقل من 5 سنوات عن نهاية الحرب العالمية الثانية التي أودت بحياة ما يزيد عن 60 مليون شخص، عاش العالم خلال شهر حزيران/يونيو 1950 على وقع بداية الحرب الكورية التي اندلعت عقب قيام كوريا الشمالية، المدعومة من الاتحاد السوفيتي وجمهورية الصين الشعبية، باجتياح جارتها الجنوبية. وكرد على ذلك، اتجهت الولايات المتحدة الأميركية، وحلفاؤها، للتدخل عسكريا ضد كوريا الشمالية ضمن ما عرف حينها بالقوات متعددة النوعيات التي أشرفت عليها الأمم المتحدة. وخلال هذه الحرب، اتجهت الولايات المتحدة الأميركية، عام 1952، لتوجيه ضربات جوية لمنشآت الطاقة الكهرومائية بكوريا الشمالية أملا في تعطيل الجهود العسكرية للأخيرة وإجبارها على الجلوس لطاولة المفاوضات.
الخطة الأميركية
خلال شهر حزيران/يونيو 1952، بلغت المفاوضات بين كوريا الشمالية وجارتها الجنوبية ببانمنجوم (Panmunjom) طريقا مسدودا. ومع تزايد المخاوف من إمكانية توسع المعارك وإرسال جمهورية الصين الشعبية لمزيد من المتطوعين للقتال لجانب نظام بيونغ يانغ، اتجهت الولايات المتحدة الأميركية للقيام بخطوة جريئة حاولت من خلالها تدمير منشآت الطاقة الكهرومائية لكوريا الشمالية لتفقد بذلك الأخيرة النسبة الأكبر من طاقتها الكهربائية وتغوص في الظلام. من جهة ثانية، تحدث المسؤولون الأميركيون عن أهمية هذه العملية العسكرية مؤكدين على حتمية قبول كوريا الشمالية من بعدها بالجلوس لطاولة المفاوضات والرضوخ لمطالب جارتها الجنوبية وحلفائها.
وضمن هذه العملية التي سميت فيما بعد بالهجوم على سد سوي هو (Sui-ho Dam)، حدد الأميركيون 13 منشأة طاقة كهرومائية أساسية لدى كوريا الشمالية. من جهة ثانية، حظيت هذه المنشآت بأهمية كبيرة لدى كوريا الشمالية وجمهورية الصين الشعبية. فإضافة لتوفيرها لأغلب الحاجيات من الطاقة الكهربائية لبيونغ يانغ، قدمت هذه المنشآت نحو 23% من الحاجيات الكهربائية للشمال الشرقي لجمهورية الصين الشعبية.
ولحماية هذه المنشآت الكهرومائية، تواجدت بالمنطقة المئات من طائرات ميغ 15 التي كانت تابعة لكل من كوريا الشمالية وجمهورية الصين الشعبية والاتحاد السوفيتي. وبتلك الفترة، كان الاتحاد السوفيتي قد وضع حوالي 246 طائرة مقاتلة ميغ 15 بقواعد عسكرية بالشمال الشرقي للصين الشعبية. أيضا، اعتمد الكوريون الشماليون على أعداد كبيرة من المدافع المضادة للطائرات لحماية منشآتهم الكهرومائية.
قصف المنشآت الكورية
في هذه العملية العسكرية التي استمرت ما بين 23 و27 حزيران/يونيو 1952، اعتمد الأميركيون على 670 طائرة حربية وقاذفة قنابل لشن 1514 طلعة جوية. ومع انتهاء عمليات القصف، تمكن الأميركيون من تدمير 90% من المنشآت الكهرومائية لتفقد بذلك كوريا الشمالية كامل طاقتها الكهربائية لمدة أسبوعين. أيضا، عانى الشمال الشرقي للصين الشعبية من مشاكل كهربائية عديدة بسبب فقدانه للطاقة الكهربائية التي وفرتها له كوريا الشمالية. وبهذه العملية العسكرية، خسر الأميركيون 5 طائرات حربية بينما فقد الكوريون الشماليون عددا كبيرا من طائراتهم ومدافعهم المضادة للطائرات التي دمرت خلال عمليات القصف.
خلال الفترة التالية، وضع الكوريون الشماليون خطة، بمساعدة السوفيت، لإصلاح هذه المنشآت. وعقب تقييم الأضرار بها جراء القصف، فضلت بيونغ يانغ بناء منشآت طاقة جديدة. إلى ذلك، شنت الولايات المتحدة الأميركية عمليات قصف أخرى ضد منشآت طاقية أخرى بكوريا الشمالية ما بين عامي 1952 و1953. وفي الأثناء، لم يكن لهذه العمليات تأثير كبير على مجريات مفاوضات وقف إطلاق النار بين الكوريتين.
ن