ظهرت منافسة جديدة ومقلقة في فرنسا حديثا، وهي منافسة قاتلة بين المزارعين. إذ في خضم احتفال فرنسا بعيد الميلاد ورأس السنة الميلادية الجديدة أطلق مزارع في إحدى قرى إقليم "دروم" الواقع جنوب البلاد الشرقي النار على مزارع آخر فأرداه قتيلا لأنه كان يعتقد أنه دخل حقله بنية اختلاس بعض حبات الكمأ الأسود (نوع من الفطريات البرية) من مزرعته. وبالرغم من أن أرملة القتيل وطفليه اعتبروا أنه ما كان على الجاني إطلاق النار على المزارع الراحل، فإن غالبية مزارعي المنطقة أبدوا تعاطفهم مع القاتل الذي أوقف وأودع السجن.

ويعزى هذا التعاطف إلى عدة أسباب من أهمها أن الكيلوغرام الواحد من الكمأ الأسود الفرنسي يباع حاليا في أسواق المناطق التي ينبت فيها بين 800 وألف يورو. ويرتفع هذا السعر إلى خمس مرات على الأقل عند وصول الكمأ الأسود الفرنسي إلى صحون الموسرين أو المولعين به من متوسطي الحال وبعض الفقراء.

ولذلك تسمى الكمأة السوداء أيضا "الماسة السوداء" لدى مشتريها وبائعيها ومستهلكيها.

ويقول عدد من سكان منطقة "دروم" الفرنسية إن ارتفاع أسعار الكمأ الأسود الفرنسي في العقود الأخيرة كان في الوقت ذاته نعمة ونقمة. فكثير من المزارعين أصبحوا يعولون على الكمأ الأسود لتحقيق مشاريع ما كان بمقدورهم إنجازها من دون عائدات "ألماسة السوداء".

ولكن هذه العائدات يشبه أثرها على نفوس أصحابها أثر عائدات المخدرات. بمعنى آخر يسهم الكمأ الأسود اليوم في تفاقم التصعيد بين المزارعين وفي تحويل التصعيد أحيانا إلى تصفية حسابات أو قيام حروب.