فنانة رسمت لنفسها طريقا مختلفا في عالم الصوت والموسيقى، لبست تراث بلاد ما بين النهرين قلبا وقالبا ونقلت الاحساس العراقي الجميل وشجنه بصوتها الى بيروت. هي العاشقة سحر طه التي استقبلتنا في منزلها، لتحدثنا عن ألبومها الغنائي الجديد "أعشقك أنت". ألبوم جمعت فيه سحر أغنيات من ألحانها لقصائد من الشعر الصوفي النسوي، ووقعته في قصر الاونيسكو بحضور حشد من الفنانين والاصدقاء والصحافيين. اليك حوار مع الفنانة سحر طه.

رسمت سحر لنفسها طريقا
مختلفا في عالم الصوت والموسيقى

بداية مبروك ألبوم "أعشقك أنت". ماذا تخبرينا عنه؟
"أعشقك أنت" هو عبارة عن CD يحتوي على 8 قصائد من التصوف النسوي.

كيف تم اختيار القصائد؟
اخترت القصائد عبر التاريخ الاسلامي الممتد من القرن الثامن الميلادي الى حد اليوم، والفكرة أخذتها من كتاب للدكتور الراحل سامي مكارم بعنوان "عاشقات الله"، أخترت أربع قصائد من هذا الكتاب، لـرابعة العدوية ومعلمتها حيونة، وأيضاً شعر من ميمونة واخر من ريحانة.

الشاعرات الاربع عشن في القرن الثامن الميلادي. ماذا عن الاربع قصائد الاخرى؟
الاربع قصائد الاخرى من العصر الحديث، لعاتكة الخزرجي، لميعة عباس عمارة، باسمة بطولي، هدى نعماني. وموضوع القصائد يدور حول العشق الالهي ولكن الاختلاف يكون بطريقة التعبير عن الحب الالهي في كل قصيدة.

قمت بتلحين 8 قصائد في الالبوم
نعم واستغرق الامر حوالي سنة والنصف.

الم تجدي صعوبة وهل قلقت من حصول تشابه بين الالحان؟
أنا قمت بتلحين حوالي 50 أغنية في السابق، تنوعت بين القصائد والفلكلور الشعبي وكانت تلاقي استحسان الجمهور، ولكن التصوف يختلف عن كافة الانماط التي تغنى، لأنه يجب أن يكون فيها نفس روحاني، فتشعر أنك تريد ان تتمايل على هذا الايقاع رغم أنه ايقاع غير راقص، وأنا اخترت أن تكون كل قصيدة على مقام معين بحسب ما توحي لي الكلمات لأنني مازلت لا أعتبر نفسي ملحنة.

"قمت بتلحين حوالي
50 أغنية في السابق"

ما هي الالات الموسيقية التي تم استعمالها في القصائد؟
اعتمدنا على التخت الشرقي وبساطة الالات الموسيقية أي أننا استعملنا فقط عائلة العود "السبرانو" والعود الوسيط والعود "الباز"، وهو ليس معتمد كثيراً في التسجيلات الغنائية، وقام الفنان المحترف ألبير منصور بصناعته خصيصاً لتسجيل القصائد. وهي فكرة طرحها الفنان مصطفى سعيد. لذا أوجه لهما الشكر.

من قام بانتاج الالبوم؟
بصراحة لولا انني وجدت من يمول الألبوم لما كان ظهر الى النور، لأن هذا النوع من الاعمال الجدية لا تجد منتجا موسيقيا، فالجهة التي قامت بإنتاجه هي الصندوق العربي للانتاج "آفاق"، وأشكر الله أن هناك جهة تلتفت وتهتم بالاعمال الثقافية.

نرى اليوم هجمة على موسيقى الفلكلور العراقي في الاغنيات، برأيك هل يشوهون هذه الموسيقى أم انهم يوصلونها بالطريقة الصحيحة؟
العراق فيه كنوز وبحر من الموسيقى والالحان، وليس فقط هذه السنة الفنانين في العالم العربي لفتتهم الموسيقى العراقية، بل من أيام ناظم العزالي وكل الفنانين الذين أتوا بعده، كان الفنانون في العالم العربي يقومون بغناء أغانيهم من جديد بدليل "فوق النخل" و"طالعة من بيت أبوها" وغيرها من الاغاني، وعلى سبيل المثال الاستاذ عاصي الحلاني غنى للفنان فاضل عواد. وأذكر أنني في التسعينيات كتبت مقالة عن الاغنيات العراقية التي غناها الفنانون العرب، ولكن اليوم تلاقي الاغنية العراقية شهرة كبيرة بسبب الفضائيات خاصة أنها مميزة بإيقاع يشبه الدبكة اللبنانية. وأيضاً هنا على سبيل المثال أغنية "كبدبد" التي غناها الفنان ملحم زين لو كان قد غناها فنان عراقي لما وصلت بالطريقة المفرحة التي أداها بها ملحم لأن الفنان العراقي مشهور بنبرة الشجن أو الحزن في الصوت.

ما رأيك بالجيل الجديد من الفنانات العراقيات، كالفنانة شذى حسون؟
لكل فنانة صوتها وشخصيتها المختلفة، ولكن المشكلة الوحيدة أنهن خارج العراق، وأشعر أنهن مثلي يقعن في حيرة بين أن يتوجهن في الفن الى بلدهن ونوعية الغناء في بلدهن، وبين الغناء للعالم العربي حيث الشهرة، ولكن الفنانات العراقيات ما زلن قليلات.

سحر: أحب صوت هبة قواس كثيراً

ما هي الاسباب؟
هناك عدة أسباب يطول شرحها، ولكن حتى يومنا هذا المجتمع في العراق ينظر نظرة دونية للمرأة العراقية التي تتجه نحو الفن والغناء، فالاصوات اليوم في الداخل العراقي مقموعة وكما تعلم هناك تيارات دينية متشددة تتحكم بلباس المرأة وكل تفاصيل حياتها اليومية فكيف اذا كانت مغنية.

من أقرب اليك في الغناء الصوفي هبة قواس أو جاهدة وهبي؟
بالغناء الصوفي بالطبع هبة قواس، لأنها أعطت بعدا اخر للغناء الصوفي بمؤلفاتها الموسيقية، وبصراحة أنا مبهورة جداً بـ تجربتها الاخيرة "لأني أحيا"، وفي حياتي كلها لم أسمع ألبوما بشكل كامل ومتكرر كما أفعل اليوم بألبوم "لأني أحيا"، أما بالنسبة لجاهدة وهبي فأنا أحب صوتها كثيراً في الاغاني الطربية وأحب أداءها أيضاً، ولكن لم يصلني الاحساس الذي أحتاجه في الاغاني الصوفية.

بعيداً عن الغناء الصوفي ما هي الاعمال التي تتابعيها على الساحة الفنية؟
بحكم أنني أكتب في جريدة يومية فأنا أتابع الاعمال التي تصدر على الساحة، ولكن دائماً تلفتني الاعمال التي تطرح قضية، فالاغاني التي تكون مواضيعها "حبيتني وحبيتك وهجرتني وهجرتك" أسمع مطلعها ولكنني لا أكملها، فأنا أسمع فرقة الراب "كتيبة 5" لأنها تطرح قضايا مهمة، أحب أن أسمع أصالة أيضاً.

ما هي مشاريعك للفترة المقبلة؟
أنا دائماً في فترة تحضير أشياء وأفكار جديدة، ومنذ فترة انتهيت من تلحين قصيدة لشاعر فلسطيني بمناسبة ذكرى مجزرة "صبرا وشاتيلا" بعنوان "يا يما"، وأحضر لقصيدة جديدة لكاتب ياباني اسمها "باسبورت" وسوف أحاول ان أؤديها في 3 لغات العربية، الانكليزية والايطالية، وسوف اغنيها لكل الناس الذين ليس لديهم "باسبور" حول العالم خاصة الفلسطينين.(النشرة)